السعادة الحقيقية هي أن تكون مع الحق
السعادة الحقيقية هي أن تكون مع الحق
للشيخ محمد راتب النابلسي
عندنا حقيقة دقيقة جداً في هذا الدرس ، لأنك مخلوق لمعرفة الله، لأنك مخلوق لجنة عرضها السماوات والأرض ، أنت في أصل التصميم لا نهائي ، فلا شيء يملؤك إلا الله ، وقد تختار وظيفة ، بعد أن تصل إليها تمل منها ، تختار المال بعد أن تحوزه تمل منه، قد تختار المرأة ، الشيء الأول الذي يمتعك بعد حين تمله ، كل شيء ما سوى الله يمل ، وكل شيء ما سوى الله يخبو لمعانه ، وكل شيء ما سوى الله لا يمكن أن يمدك بسعادة مستمرة ، بل متناقصة ، هكذا شاءت حكمة الله .
هؤلاء الذين بلغوا كل أهدافهم المادية ، يعيشون بحالة ملل ، وسقم ، لأن نفسه مصممة بأن تعرف الله .
بشكل أو بآخر حينما تختار هدفاً أرضياً ، وأنت مصمم لمعرفة الله، هذا الهدف ما دام بعيداً عنك لعلك تحلم به ، فإذا وصلت إليه انتهى ، هذه مشكلة الناجحين في الحياة .
لذلك هناك جسر بين قارتين ، يعد ثاني جسر في العالم ، في أثناء افتتاحه افتتحه رئيس الجمهورية ، وإلى جانبه المهندس من بلد يعد أحد خمسة مهندسين في العالم ، بعد أن قص الشريط الحريري ألقى بنفسه في البحر ، فنزل ميت ، فذهبوا إلى غرفته في الفندق فرأوا ورقة كتب عليها : ذقتُ كل شيء في الحياة ، فلم أجد لها طعماً ، فأردت أن أذوق طعم الموت .
ليس ثمة أصعب من إنسان يعيش بلا هدف ، إن ربطت نفسك مع الحق فأنت مع الله ، أنت مع الباقي ، الأزلي ، الأبدي ، الذي كل شيء بيده ، وإن لم تصل لهذه الحقيقة فقد تستمتع بالمال أحياناً ، بالمرأة أحياناً ، بقصر ، ببيت ، بمركز ، بمنصب ، هذه الأشياء بعد أن تصل إليها تفقد لمعانها ، ويخبو بريقها ، وتشعر أنها أصغر بكثير بما كنت تتوقع .
﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾
( سورة الكهف )
مستحيل وألف ألف أَلف مستحيل أن تسعد بغير الله ، والدليل :
﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
( سورة الرعد )
هناك فراغ في النفس لا يملؤه المال ، لا يملؤه المنصب ، لا تملؤه الزوجة الجميلة ، لا يملؤه إلا معرفة الله .
أنت في أصل التصميم مصمم لمعرفة الله ، فأي شيء ما سوى الله صغير جداً أمامك ، قبل أن تصل إليه تتوقع أنه سيسعدك ، لكن بعد أن تصل إليه تكتشف الحقيقة المرة ؛ أنه ليس بشيء .
أحياناً في البدايات يكون المال كل شيء ، وفي منتصف الحياة المال شيء ، أما على فراش الموت المال ليس بشيء ، لهذا مرة عليه الصلاة والسلام قال :
( صاحب هذا القبر ، إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم )
[ ورد في الأثر ]
السعادة الحقيقية هي أن تكون مع الحق
بواسطة mausuahislamiyah
on
مارس 23, 2016
Rating:

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق