حكم صلاة الجماعة في المسجد عند الجمهور من العلماء
نقدم لكم حكم صلاة الجماعة في المسجد عند الجمهور من العلماء للرجال والنساء وحُكمُ المُمتنِعينَ عن إظهارِ صلاةِ الجَماعَةِ.
الأزهر ليلا
(الأدلَّة على شرعيتها)
أولًا: من الكِتاب
-الأية الأولى قول الله تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ(سورة النساء: 102)
والدَّلالة من وجهين:
الوجه الأوَّل: أنه تعالى أمرَهم بصلاةِ الجماعة معه في صلاةِ الخوفِ، وذلك دليلٌ على وجوبها حالَ الخوفِ، وهو يدلُّ بطريقِ الأَوْلى على وجوبِها حالَ الأمنِ .
الوجه الثَّاني: أنَّه سنَّ صلاةَ الخوفِ جماعةً، وسوَّغَ فيها ما لا يجوزُ لغيرِ عُذرٍ، كاستدبارِ القِبلةِ، والعملِ الكثيرِ، ومفارقةِ الإمامِ قبلَ السَّلامِ، والتخلُّفِ عن متابعةِ الإمام، وهذه الأمورُ تُبطِلُ الصَّلاةَ لو فُعِلتْ لغيرِ عُذرٍ، فلو لم تكُنِ الجماعةُ واجبةً، لكانَ قدْ التزم فِعل محظورٍ مُبطِلٍ للصلاةِ؛ لأجْل فِعل مُستحبٍّ مع أنَّه قد كان من الممكنِ أن يُصلُّوا وُحدانًا صلاةً تامَّةً؛ فعُلِمَ أنَّها واجبةٌ.
-الأية الثانية قال الله تعالى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (البقرة: 43).
وجه الدلالة:
أنَّ الله تعالى أمَرَ بالركوع مع الراكعين، وذلك يكونُ في حالِ المشاركةِ في الركوع؛ فكان أمرًا بإقامةِ الصَّلاة بالجماعةِ.
ثانيًا: من السُّنَّة
-الحديث الأول: عن أبي هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: ((أثقلُ صلاةٍ على المنافقينَ صلاةُ العِشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يَعلمُونَ ما فيهما لأَتوهُما ولو حبوًا، ولقد هممتُ بالصَّلاةِ فتُقام، ثم آمُرُ رجلًا يُصلِّي بالناس، ثم أنطلقُ معي برِجالٍ معهم حُزمٌ من حطَبٍ إلى قومٍ لا يَشهدونَ الصَّلاةَ، فأُحرِّقُ عليهم بُيوتُهم بالنارِ)).
-الحديث الثاني: عن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه، قال: ((أتَى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ رجلٌ أعمى، فقال: يا رسولَ الله، إنَّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجِدِ، فسألَ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أن يرخِّصَ له، فيُصلِّيَ في بيتِه، فرخَّص له، فلمَّا ولَّى دعاه، فقال: هلْ تَسمعُ النِّداءَ بالصَّلاةِ؟ قال: نعَم، قال: فأجِبْ)) .
-الحديث الثالث: عن أبي الدَّرداءِ رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يقول: ((ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ، ولا بدوٍ، لا تُقامُ فيهم الصَّلاةُ، إلا استحوذَ عليهم الشيطانُ؛ فعليكم بالجماعةِ؛ فإنَّما يأكُلُ الذئبُ القاصيةَ)) .
ثالثًا:من الآثار
-الأول: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، قال: (مَن سرَّه أن يَلْقَى الله غدًا مسلمًا، فليحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيث يُنادَى بهنَّ؛ فإنَّ اللهَ شرَع لنبيِّكم صلَّى الله عليه وسلَّمَ سُننَ الهدى، وإنهنَّ مِن سُنَن الهدى، ولو أنَّكم صليتُم في بُيوتِكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّفُ في بيته، لتركتُم سُنَّةَ نبيِّكم، ولو تركتُم سُنَّةَ نبيِّكم لضَلَلتُم، وما من رجلٍ يتطهَّرُ فيُحسِنُ الطُّهورَ، ثم يَعمِدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجدِ، إلَّا كتَبَ الله له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيِّئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، ولقد كان الرجلُ يُؤتَى به يُهادَى بين الرَّجُلينِ حتى يُقامَ في الصفِّ).
وجه الدلالة:
إخبارُ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنَّه لم يكُن يتخلَّفُ عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، وهذا دليلٌ على استقرارِ وجوبِها عندَ المؤمنين، ولم يَعلَموا ذلك إلَّا مِن جِهةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، ومعلومٌ أنَّ كلَّ أمرٍ كان لا يتخلَّفُ عنه إلَّا منافقٌ كان واجبًا على الأعيانِ.
-رابعًا: توارثُ الأمَّةِ على صلاتِها جماعةً؛ فالأمَّة من لَدُن رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ إلى يومِنا هذا واظبتْ عليها وعلى النَّكيرِ على تاركِها، والمواظبةُ على هذا الوجهِ دليلُ الوجوبِ .
الفرعُ الثَّاني: حُكمُ صلاةِ الجَماعةِ للنِّساءِ
يُستحبُّ للنِّساءِ أن يُصلِّينَ جماعةً مع بعضهنَّ البعض، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحنابلة، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف، واختاره ابنُ حَزمٍ ، وابنُ القيِّم، واختارَه ابنُ باز .
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
-الحديث الأول: عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفذِّ بسَبعٍ وعِشرينَ دَرجةً)).
أنَّ الحديثَ عامٌّ، فيدخل النِّساءُ في عُمومِه.
-الحديث الثاني: عن أمِّ ورقةَ بنتِ نوفلٍ رضي الله عنها: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ كان يَزورُها في بيتِها، وجعَل لها مؤذِّنًا يؤذِّنُ لها، وأمَرَها أن تؤمَّ أهلَ دارِها)) .
ثانيًا: من الآثارِ
أولا: عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رضي الله عنها: (أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ وجهَرَتْ بالقِراءةِ).
ثانيا: عن حُجيرةَ بنتِ حُصينٍ، قالت: (أَمَّتْنا أمُّ سَلمةَ أمُّ المؤمنينَ في صلاةِ العَصر، وقامتْ بيننا).
وجه الدلالة:
أنَّ عائشةَ وأمَّ سَلمةَ رضي الله عنهما أَمَّتَا جماعة من النساء؛ فدلَّ ذلك على استحبابِ الجماعةِ للنِّساءِ .
ثالثًا: أنهنَّ مِن أهلِ الفَرضِ، فأشبهْنَ الرِّجالَ.
المَطلَب الثاني: حُكمُ المُمتنِعينَ عن إظهارِ صلاةِ الجَماعَةِ
إذا تَمالَأَ أهلُ بلدٍ على ترْكِ إظهارِ صلاةِ الجَماعةِ قُوتِلوا، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة.
وذلك للآتي:
-أولًا: القياسُ على مقاتلةِ أهلِ البلدِ إذا اجتَمْعوا على تَرْكِ الأذانِ.
-ثانيًا: أنَّها من شعائرِ الإسلامِ، ومِن خصائصِ هذا الدِّينِ، وفي الاجتماعِ على ترْكها إماتةٌ لها.
حكم صلاة الجماعة في المسجد عند الجمهور من العلماء
بواسطة mausuahislamiyah
on
مارس 30, 2016
Rating:

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق