الفرق بين القضاء والقدر عند علماء العقيدة

نقدم لكم الفرق بين القضاء والقدر عند علماء العقيدة ولكن قبل هذا لا بد لنا أن نعرف تعريف القضاء والقدر عند العلماء.

والقضاء والقدر شرعا هو تقدير الله تعالى الأشياء في القدم، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة، وكتابته سبحانه لذلك ومشيئته له، ووقوعها على حسب ما قدرها وخلقه لها.

وفي هذا المجال انقسم رأي علماء العقيدة  في الفرق بين القضاء والقدر إلى رأيين مشهورين:

من شروط طلب العلم إرشاد الأستاذ

الرأي الأول: قال بعض العلماء بأنه لا فرق بين القضاء والقدر، فكل واحد منهما هو في معنى آخر، فإذا أطلق التعريف على أحدهما شمل الآخر، فلذلك إذا أطلق القضاء وحده فسر بالقدر، وكذلك القدر، فلا فرق بينهما في اللغة، كما أنه لا دليل على التفريق بينهما في الشرع.

الرأي الثاني: قال بعض العلماء بوجود الفرق بينه القضاء والقدر، ولكن هؤلاء اختلفوا في التمييز بينهما على أقوال أتية:

أولا- القول الأول وهو رأي الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : رأي أبو حامد الغزالي، بأن هناك - بالنسبة لتدبير الله وخلقه - ثلاثة أمور:

1- الحكم: وهو التدبير الأول الكلي، والأمر الأزلي.

2- القدر: وهو توجيه الأسباب الكلية بحركاتها المقدرة المحسوبة إلى مسبباتها المعدودة المحدودة، بقدر معلوم لا يزيد ولا ينقص.

ثانيا- القول الثاني: من فرق بينهما بأن القضاء هو الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل، والقدر هو الحكم بوقوع الجزيئات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل.

ثالثا- القول الثالث: أن القدر هو التقدير والقضاء هو التفصيل والتقطيع فالقضاء أخص من القدر الذي هو كالأساس.

رابعا- القول الرابع: ذكر بعض العلماء أن القدر بمنزلة المعد للكيل، والقضاء بمنزلة الكيل، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنه لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: (أتفر من القضاء؟ قال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله)  

تنبيهاً على أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجو أن يدفعه الله, فإذا قضي فلا مدفع له والاستشهاد بالحادثة ضعيف لأنها لم ترد بهذا اللفظ.

خامسا- القول الخامس: قول الجماعة من الماتريدية وقد فرقوا بينهما: بأن القضاء هو الخلق الراجع إلى التكوين، أي: الإيمان على وفق القدر السابق، والقدر هو ما يتعلق بعلم الله الأزلي، وذلك بجعل الشيء بالإرادة على مقدار محدد قبل وجوده.

سادسا- لقول السادس: قول الأشاعرة وجمهور أهل السنة:

أ-  أن القضاء هو إرادة الله الأزلية المتعلقة بالأشياء على وفق ما توجد عليه في وجودها الحادث.

ب- والقدر إيجاد الله الأشياء على مقاديرها المحددة في كل ما يتعلق بها.

هذه هي أهم الأراء بين العلماء في الفرق بين القضاء والقدر، ونلخص منها إلى ما يلي: 

- الذين فرقوا بينهما ليس لهم دليل واضح من الكتاب والسنة يفصل في القضية.

- عند إطلاق أحدهما يشمل الآخر وهذا يوحي بأنه لا فرق بينهما في الاصطلاح ولذا فالراجح أنه لا فرق بينهما.

- ولا فائدة من هذا الخلاف، وعلى هذا فيكون التعريف السابق للقضاء والقدر شرعاً هو الراجح والله أعلى وأعلم.