الطرق لمعرفة الله ثلاث لفضيلة الشيخ راتب النابلسي

الطرق لمعرفة الله ثلاثة وهي من خلال خلقه وكلامه وأفعاله



 بالمناسبة: الطرق لمعرفة الله ثلاثة :
  • يمكن أن تعرفه من خلال خلقه
  • يمكن أن تعرفه من خلال كلامه
  • يمكن أن تعرفه من خلال أفعاله
 لكن أسلم طريق أن تعرفه من خلال خلقه، إذا تفكرت في مخلوقات الله الطريق آمن وسالك، مهما تفكرت في ملكوت السماوات والأرض تزداد تعظيماً ومحبة لله عز وجل، والطريق الثاني أن تتأمل كلامه أيضاً كلامه يدل عليه.
 يعني أحياناً تجد بلداً غارقاً في المعاصي والآثام، إباحي، ظالم، متجبر ، مستكبر، قوي، غني، وبلد مسلم يعاني ما يعاني، تقرأ القرآن الكريم، تقرأ قوله تعالى:

﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾
( سورة الأنعام الآية: 44 )

 قدم الله لك تفسيراً لهذا التناقض في أمة غارقة في المعاصي والآثام، وأمة مسلمة تعاني ما تعاني، يعني الأمة التي شردت عن الله عز وجل يعطيها ما تريد، ويؤخر عقابها إلى يوم الدين، أما الأمة التي تعاني ما تعاني هي ضمن العناية المشددة، هكذا معنى الآية.
 إذاً أضاء الله لك حالة تدعو إلى العجب.

إثبات عدل الله بالإيمان به وليس بالعقل

 أيها الأخوة، إذاً لابدّ من أن تعتقد بكمال الله المطلق، وبجلاله، وأن تحبه، وأن ترضى عنه، وأن تخضع له، هكذا يكون الحامد.
 لكن الطريق الثالث لمعرفة الله، الأول خلقه، الثاني كلامه، الثالث أفعاله، هذا طريق خطر، كأنه حقل ألغام، قد تفاجأ أن طفلاً صغيراً مات، أو طفلاً أصيب بمرض عضال وهو صغير، قبل التكليف، إنسان ولد فاقد البصر، ففي حالات كثيرة لا تستطيع تفسيرها وحدك، بل إن الحقيقة الدقيقة إنك لن تستطيع إثبات عدل الله بعقلك، لأن عقلك قاصر بل تستطيع إثبات عدل الله بعقلك بحالة واحدة مستحيلة، أن يكون لك علم كعلم الله هذا مستحيل.
 لذلك إثبات عدل الله أن تصدقه إذا قال:

﴿ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾
( سورة النساء )
﴿ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ﴾
( سورة غافر الآية: 17 )

﴿ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ﴾
( سورة الروم الآية: 9 )
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾
( سورة الزلزلة )

عندئذٍ تصدق الإله العظيم بقرآنه الكريم بأنه لا يظلمك، أما أن تبحث من خلال أفعاله لا تستطيع إثبات عدل الله من أفعاله إلا أن يكون لك علم كعلمه، لأن كل الذي تراه هي قصة من آخر فصل، آخر فصل لا يكفي لحكم الله عز وجل ، هناك فصول أولى.
 لذلك أحياناً في حياة كل واحد منا عدة قصص يعرفها من أول فصل لآخر فصل لذلك يرى عدل الله مطلقاً، أما إذا سمعت عن إنسان فقد بصره، أو فقد حركته، أو الله امتحنه بشيء أنت لا تعلم الفصول الأولى من حياته، الله عز وجل يستر، ستير.

من ازداد معرفته بالله ازداد محبته له

 الحمد معرفة بالله، يعني طفل صغير على كرسي طبيب الأسنان، أحياناً يصرخ، أحياناً يبكي، الطفل صغير جداً، أحياناً يضرب يد الطبيب، لأنه لا يعلم أن هذا الذي يفعله معه لصالحه، أما الراشد قد يقول طبيب الأسنان لراشد: قلبك لا يتحمل مخدر، فتتحمل الآلام، فهذا المريض الكبير الراشد يضع يديه على الكرسي، ويضغط على أسنانه كي يتحمل الألم لأنه موقن أن هذا الألم لمصلحته.
 فكلما ازدادت معرفتك بالله ازداد رضاك عنه.
 لذلك الله عز وجل ذم آلهة الكفار، وعابها بسلب أوصاف الكمال عنها، فقال إنها لا تسمع، ولا تبصر، ولا تتكلم، ولا تهدي، ولا تنفع، ولا تضر، ولا تميت، ولا تحيي، سلب الله عنها صفات الكمال.

عرفت الله فتحمده

 الآن أيها الأخوة، بالفطر السليمة، وبالعقول القويمة، والكتب السماوية الحكيمة هذا كله يؤكد أن فاقد صفات الكمال لا يكون إلهاً، ولا مدبراً، ولا رباً، بل هو مذموم ناقص ليس له الحمد، لا في الأولى، ولا في الآخرة، إنما الحمد في الأولى والآخرة لمن له صفات الكمال، هو أهل التقوى وأهل المغفرة.

 أيها الأخوة، الله عز وجل يقول: هو الحي الباقي على الدوام.

﴿ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
( سورة غافر )

 يعني الحمد لا أن تقول الحمد لله ولك ألف اعتراض على الله، الحمد لا أن تقول الحمد لله وفي شك بعدل الله، الحمد أن تعرف الله، من لوازم معرفته أنك تحمده.



كيفية الحمد لله

 الآن هذه العقيدة، سلوك، سلوك العبد الحامد يحمد بالقلب، وباللسان ، وبالجوارح، هناك حمد بالقلب، يعني معتقد الله كامل، أفعاله كاملة، عدله مطلق، رحيم ، حتى إذا شيء ما فهمه يقول هناك حكمة لا أعرفها، ظنه بالله حسن، يحسن الظن بالله، أما الذي يسيء الظن بالله ليس مؤمناً.

﴿ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ﴾
( سورة الفتح الآية: 6 )
﴿ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾
( سورة الأحزاب )

كن عن هموك معرضا  وكل الأمور إلى القضـا

وابشر بخــير عاجل  تنسى فيه ما قـد مضى

فلرب أمر مسخط لك  فــي عواقبه رضـا
* * *

ولربما ضـاق المضيق  ولــربما اتسع الفضـا

الله يفـــعل ما يشاء  فــــلا تكن معترضا

الله عودك الـــجميل  فــقس على قد مضى


 لا بد من أن تعرف الله حتى تحبه.
 أيها الأخوة، سيدنا علي رضي الله عنه يقول: يا بني الناس ثلاثة، عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، لم يستضيؤوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، فاحذر أن تكون منهم، ما الناس سوى قوم عبدوك، وغيرهم همجٌ همجُ.
  الآن نحن نعيش بمجتمع همجي، مجتمع القتل، مجتمع القهر، مجتمع التطهير العرقي، مجتمع العنصرية، مجتمع الحصار الاقتصادي، مجتمع إذلال الإنسان، مجتمع سلب حقوق الإنسان، ما الناس سوى قوم عبدوك، وغيرهم همجٌ همجُ.

الطرق لمعرفة الله ثلاث لفضيلة الشيخ راتب النابلسي الطرق لمعرفة الله ثلاث لفضيلة الشيخ راتب النابلسي بواسطة mausuahislamiyah on ديسمبر 28, 2015 Rating: 5

ليست هناك تعليقات

مدون محترف